responsiveMenu
صيغة PDF شهادة الفهرست
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
اسم الکتاب : تفسير الرازي = مفاتيح الغيب أو التفسير الكبير المؤلف : الرازي، فخر الدين    الجزء : 10  صفحة : 174
عَدَاوَتِهِمْ وَانْكِشَافُ حَالِهِمْ فِي الْكُفْرِ وَالْغَدْرِ، وَإِضْرَارُهُمْ بِأَهْلِ الْإِسْلَامِ. الثَّانِي: أَنَّ السُّلْطَانَ الْمُبِينَ هُوَ إِذْنُ اللَّه تَعَالَى لِلْمُسْلِمِينَ فِي قَتْلِ هَؤُلَاءِ الكفار.

[سورة النساء (4) : آية 92]
وَما كانَ لِمُؤْمِنٍ أَنْ يَقْتُلَ مُؤْمِناً إِلاَّ خَطَأً وَمَنْ قَتَلَ مُؤْمِناً خَطَأً فَتَحْرِيرُ رَقَبَةٍ مُؤْمِنَةٍ وَدِيَةٌ مُسَلَّمَةٌ إِلى أَهْلِهِ إِلاَّ أَنْ يَصَّدَّقُوا فَإِنْ كانَ مِنْ قَوْمٍ عَدُوٍّ لَكُمْ وَهُوَ مُؤْمِنٌ فَتَحْرِيرُ رَقَبَةٍ مُؤْمِنَةٍ وَإِنْ كانَ مِنْ قَوْمٍ بَيْنَكُمْ وَبَيْنَهُمْ مِيثاقٌ فَدِيَةٌ مُسَلَّمَةٌ إِلى أَهْلِهِ وَتَحْرِيرُ رَقَبَةٍ مُؤْمِنَةٍ فَمَنْ لَمْ يَجِدْ فَصِيامُ شَهْرَيْنِ مُتَتابِعَيْنِ تَوْبَةً مِنَ اللَّهِ وَكانَ اللَّهُ عَلِيماً حَكِيماً (92)
[فِي قَوْلِهِ تَعَالَى وَما كانَ لِمُؤْمِنٍ أَنْ يَقْتُلَ مُؤْمِناً إِلَّا خَطَأً] اعْلَمْ أَنَّهُ تَعَالَى لَمَّا رَغَّبَ فِي مُقَاتَلَةِ الْكُفَّارِ، وَحَرَّضَ عَلَيْهَا ذَكَرَ بَعْدَ ذَلِكَ بَعْضَ مَا يَتَعَلَّقُ بِهَذِهِ الْمُحَارَبَةِ، فَمِنْهَا أَنَّهُ تَعَالَى لَمَّا أَذِنَ فِي قَتْلِ الْكُفَّارِ فَلَا شَكَّ أَنَّهُ قَدْ يَتَّفِقُ أَنْ يَرَى الرَّجُلُ رَجُلًا يَظُنُّهُ كَافِرًا حَرْبِيًّا/ فَيَقْتُلُهُ، ثُمَّ يَتَبَيَّنُ أَنَّهُ كَانَ مُسْلِمًا، فَذَكَرَ اللَّه تَعَالَى حُكْمَ هَذِهِ الواقعة فِي هَذِهِ الْآيَةِ وَهَاهُنَا مَسَائِلُ:
الْمَسْأَلَةُ الْأُولَى: ذَكَرُوا فِي سَبَبِ النُّزُولِ وُجُوهًا: الْأَوَّلُ:
رَوَى عُرْوَةُ بْنُ الزُّبَيْرِ أَنَّ حُذَيْفَةَ بْنَ الْيَمَانِ كَانَ مَعَ الرَّسُولِ صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَوْمَ أُحُدٍ فَأَخْطَأَ الْمُسْلِمُونَ وَظَنُّوا أَنَّ أَبَاهُ الْيَمَانَ وَاحِدٌ مِنَ الْكُفَّارِ، فَأَخَذُوهُ وَضَرَبُوهُ بِأَسْيَافِهِمْ وَحُذَيْفَةُ يَقُولُ: إِنَّهُ أَبِي فَلَمْ يَفْهَمُوا قَوْلَهُ إِلَّا بَعْدَ أَنْ قَتَلُوهُ، فَقَالَ حُذَيْفَةُ: يَغْفِرُ اللَّه لَكُمْ وَهُوَ أَرْحَمُ الرَّاحِمِينَ، فَلَمَّا سَمِعَ الرَّسُولُ صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ذَلِكَ ازْدَادَ وَقْعُ حُذَيْفَةَ عِنْدَهُ، فَنَزَلَتْ هَذِهِ الْآيَةُ:
الرِّوَايَةُ الثَّانِيَةُ: أَنَّ
الْآيَةَ نَزَلَتْ فِي أَبِي الدَّرْدَاءِ، وَذَلِكَ لِأَنَّهُ كَانَ فِي سَرِيَّةٍ فَعَدَلَ إِلَى شِعْبٍ لِحَاجَةٍ لَهُ فَوَجَدَ رَجُلًا فِي غَنَمٍ لَهُ فَحَمَلَ عَلَيْهِ بِالسَّيْفِ، فَقَالَ الرَّجُلُ: لَا إِلَهَ إِلَّا اللَّه، فَقَتَلَهُ وَسَاقَ غَنَمَهُ ثُمَّ وَجَدَ فِي نَفْسِهِ شَيْئًا، فَذَكَرَ الْوَاقِعَةَ لِلرَّسُولِ صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَقَالَ عَلَيْهِ الصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ: «هَلَّا شَقَقْتَ عَنْ قَلْبِهِ» وَنَدِمَ أَبُو الدَّرْدَاءِ فَنَزَلَتِ الْآيَةُ.
الرِّوَايَةُ الثَّالِثَةُ:
رُوِيَ أَنَّ عَيَّاشَ بْنَ أَبِي رَبِيعَةَ، وَكَانَ أَخًا لِأَبِي جَهْلٍ مِنْ أُمِّهِ، أَسْلَمَ وَهَاجَرَ خَوْفًا مِنْ قَوْمِهِ إِلَى الْمَدِينَةِ، وَذَلِكَ قَبْلَ هِجْرَةِ الرَّسُولِ صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، فَأَقْسَمَتْ أُمُّهُ لَا تَأْكُلُ وَلَا تَشْرَبُ وَلَا تَجْلِسُ تَحْتَ سَقْفٍ حَتَّى يَرْجِعَ، فَخَرَجَ أَبُو جَهْلٍ وَمَعَهُ الْحَرْثُ بْنُ زَيْدِ بْنِ أَبِي أُنَيْسَةَ فَأَتَيَاهُ وَطَوَّلَا فِي الْأَحَادِيثِ، فَقَالَ أَبُو جَهْلٍ: أَلَيْسَ أَنَّ مُحَمَّدًا يَأْمُرُكَ بِبِرِّ الْأُمِّ فَانْصَرِفْ وَأَحْسِنْ إِلَى أُمِّكَ وَأَنْتَ عَلَى دِينِكَ فَرَجَعَ، فَلَمَّا دَنَوْا مِنْ مَكَّةَ قَيَّدُوا يَدَيْهِ وَرِجْلَيْهِ، وَجَلَدَهُ أَبُو جَهْلٍ مِائَةَ جَلْدَةٍ، وَجَلَدَهُ الْحَرْثُ مِائَةً أُخْرَى، فَقَالَ لِلْحَرْثِ: هَذَا أَخِي فَمَنْ أَنْتَ يَا حرث، للَّه علي إن وجدتك خالي أَنْ أَقْتُلَكَ.
وَرُوِيَ أَنَّ الْحَرْثَ قَالَ لِعَيَّاشٍ حِينَ رَجَعَ: إِنْ كَانَ دِينُكَ الْأَوَّلُ هُدًى فَقَدْ تَرَكْتَهُ وَإِنْ كَانَ ضَلَالًا فَقَدْ دَخَلْتَ الْآنَ فِيهِ، فَشَقَّ ذَلِكَ عَلَى عَيَّاشٍ وَحَلَفَ أَنْ يَقْتُلَهُ، فَلَمَّا دَخَلَ عَلَى أُمِّهِ حَلَفَتْ أُمُّهُ لَا يَزُولُ عَنْهُ الْقَيْدُ حَتَّى يَرْجِعَ إِلَى دِينِهِ الْأَوَّلِ فَفَعَلَ، ثُمَّ هَاجَرَ بَعْدَ ذَلِكَ وَأَسْلَمَ الْحَرْثُ أَيْضًا وَهَاجَرَ، فَلَقِيَهُ عَيَّاشٌ خَالِيًا وَلَمْ يَشْعُرْ بِإِسْلَامِهِ فَقَتَلَهُ، فَلَمَّا أُخْبِرَ بِأَنَّهُ كَانَ مُسْلِمًا نَدِمَ عَلَى فِعْلِهِ وَأَتَى رَسُولَ اللَّه صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَقَالَ: قَتَلْتُهُ وَلَمْ أَشْعُرْ بِإِسْلَامِهِ، فَنَزَلَتْ هَذِهِ الْآيَةُ.
الْمَسْأَلَةُ الثَّانِيَةُ: قَوْلُهُ تَعَالَى: وَما كانَ فِيهِ وَجْهَانِ: الْأَوَّلُ: أَيْ وَمَا كَانَ فِيمَا أَتَاهُ مِنْ رَبِّهِ وَعَهِدَ إِلَيْهِ.

اسم الکتاب : تفسير الرازي = مفاتيح الغيب أو التفسير الكبير المؤلف : الرازي، فخر الدين    الجزء : 10  صفحة : 174
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
صيغة PDF شهادة الفهرست